للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: طريقتهم فيما لم يرد نفيه ولا إثباته مما تنازع الناس فيه، كالجسم، والحيز، والجهة ونحو ذلك، فطريقتهم فيه التوقف في لفظه، فلا يثبتونه ولا ينفونه، لعدم وروده، وأما معناه فيستفصلون عنه، فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ردوه، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه"١".

وهذه الطريقة هي الطريقة الواجبة، وهي القول الوسط بين أهل التعطيل، وأهل التمثيل، وقد دل على وجوبها وصحتها العقل، والسمع:

فأما العقل فوجه دلالته: أن تفصيل القول فيما يجب ويجوز ويمتنع على الله تعالى لا يدرك إلا بالسمع، لأنه من أمر الغيب الذي لا يحيط


"١" فإذا سأل سائل مثلاً عن "الجهة"هل تثبت في حق الله أم لا؟ قيل له: أولاً: هذه اللفظة لا نثبتها ولا ننفيها؛ لأنه لم يرد في النصوص الشرعية إثباتها ولا نفيها. وثانياً: يُقال له: ما مرادك بهذا السؤال؟ فإن قال: أريد أنه تعالى في مكان يحويه. قيل: هذا معنىً باطلٌ ينزه الله عنه، وإن قال: أريد أنه تعالى مباين للمخلوقات فوقها وأنه تعالى في جهة العلو المطلق. قيل: هذا حقٌّ يجب الإيمان به، لكن لفظة "الجهة"لفظة مجملة محدثة، الأَوْلَى تركها.
وإن كان قصد السائل الاسترشاد فحسن، وإن كان قصده رد ما ثبت في النصوص الشرعية الكثيرة من إثبات صفة العلو لله تعالى فهذا خطأ وزلل يجب عليه أن يتوب عنه.
ينظر مجموع الفتاوى ٥/٢٩٩، ٣٦٦، الرسالة التدمرية مع شرحها التحفة "القاعدة الثانية ١٥٣-١٦١"، شرح الطحاوية ص٩، القواعد الكلية "القاعدة التاسعة"،"صفات الله عز وجل" للسقاف "القاعدة الرابعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>