للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسنة، وما خالف ذلك باطل، فإن كل تأويل لم يدل عليه دليل من السياق ولا معه قرينة تقتضيه فهذا لا يقصده الهادي المبين بكلامه، إذ لو قصده لحفَّ به قرائن تدل على المعنى المخالف لظاهره حتى لا يوقع السامع في اللبس والخطأ، فإن الله أنزل كلامه بيانا وهدى، فإذا أراد به خلاف ظاهره ولم يلحق به قرائن تدل على المعنى الذي يتبادر غيره إلى فهم كل أحد لم يكن بيانا ولا هدى. فالتأويل إخبار بمراد المتكلم لا إنشاء، فإذا قيل: "معنى اللفظ كذا وكذا"كان إخباراً بالذي عنى المتكلم وأراده بكلامه، فإن لم يكن الخبر مطابقاً كان تفسيراً لكلام المتكلم بغير مراده، وذلك خطأ ظاهر.


والفرية على الفطرة، وكل فرد من أفرادها قد تنازعت فيه عقولهم، وتخالفت عنده إدراكاتهم، فهذا يقول: حكم العقل في هذا الكلام كذا، وهذا يقول حكم العقل في هذا كذا، ثم قابلهم المخالف لهم بنقيض قولهم، فافترى على عقله بأنه قد تعقل خلاف ما تعقله خصمه، وجعل ذلك أصلا يرد إليه أدلة الكتاب والسنة، وجعل المتشابه عند أولئك محكماً عنده، والمخالف لدليل العقل عندهم موافقا له عنده، فكان حاصل كلام هؤلاء أنهم يعلمون من صفات الله ما لا يعلمه، وكفاك هذا! وليس بعده شيء، وعنده يتعثر العلم حياء من الله سبحانه وتعالى". انتهى كلامه - رحمه الله - مختصراً. وينظر رسالة "كشف الشبهات عن المشتبهات"للشوكاني أيضاً ص٣٦-٤٢، وينظر كلام ابن عبد البر الآتي عند بيان معنى الاستواء، وكلام الحافظ ابن حجر الآتي عند تعريف البدعة في الاصطلاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>