للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخَاسِرُونَ} ١ قال: إنه ليشق علي مفارقته وقت ذهابكم به لفرط محبته، {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} ٢ أي: تشتغلون عنه برميكم ورعيكم، فأخذوها منه وجعلوها عذرهم، ومن الأمثال: (البلاء موكل بالمنطق) .

وفيه أنه لم يتهمهم بما أرادوا، ولكن خاف من التقصير في حفظه. {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ} ٣ أي: إن عدا عليه فأكله ونحن جماعة إنا إذا لعاجزون، فيه الذم لمن ترك الحزم. وفيه أن العجز هلكة.

{فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} ٤ هذا فيه تعظيم لما فعلوا أنهم اتفقوا على إلقائه في أسفل الجب، وقد أخذوا من أبيه بذلك الكلام.

وقوله: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ} قيل: كان قد أدرك، وقيل: أوحي إليه كما أوحي إلى عيسى ويحيى ٥. وقوله: {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} أي: لا يشعرون بأنك يوسف، كذا روي عن ابن عباس. وقيل: لا يشعرون بإيحائنا ذلك إليه.

وفيه جواز الذنوب على الصالحين، وفيه رجاء رحمة الله، وفيه أن الله سبحانه وقت البلاء نعما عظيمة.


١ سورة يوسف آية: ١٤.
٢ سورة يوسف آية: ١٣.
٣ سورة يوسف آية: ١٤.
٤ سورة يوسف آية: ١٥.
٥ يشير إلى كلام عيسى في المهد وإعطاء يحيى الحكم صبيا (عليهما السلام) سورة مريم: ١٢-٣٠.

<<  <   >  >>