الوجه الثالث: أن الله تعالى أضاف الفعل في الآية الأولى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ}[ص: ٧٥] معدّى بالباء إلى يدين اثنتين، ولا يمكن أن يراد بهما نفسه لدلالة التثنية على عدد محصور باثنين، والرب – جل وعلا – إله واحد، فلا يمكن أن يذكر نفسه بصيغة التثنية لدلالة ذلك على صريح العدد وحصره، ولكنه تعالى يذكر نفسه تارة بصيغة الإفراد للتوحيد، وتارة يذكر نفسه بصيغة الجمع للتعظيم، وربما يدل الجمع على معاني أسمائه.
أما في الآية الثانية فأضاف الفعل إلى الأيدي المضافة إليه مجموعة للتعظيم، فصار المراد بها نفسه المقدسة جل وعلا.
وبهذا تبين الفرق بين قوله {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ}[ص: ٧٥] . وقوله:{مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}[يس: ٧١] ، وأنها ليست نظيراً لها. وتبين أيضاً أن ظاهر النصوص في الصفات حق ثابت مراد لله تعالى على الوجه اللائق به، وأنه لا يستلزم نقصاً في حقه ولا تمثيلاً له بخلقه.
لكن؛ لو كنا نخاطب شخصاً لا يفهم من ظاهرها إلا ما يقتضي التمثيل فإننا نقول له: إن هذا الظاهر الذي فهمته غير مراد، ثم نبين له أن هذا ليس ظاهر النصوص؛ لأنه باطل لا يقتضيه السياق كما سبق بيانه.