بين كون الشيء في المكان، وكون العرض في الجسم، وكون الوجه في المرآة، وكون الكلام في الورق المكتوب فيه، فلو قيل: هل العرش في السماء أو في الأرض؟ لقيل: في السماء؛ مع أن العرش أكبر من السماء كثيراً.
وعلى هذا فيخرج قوله:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} على أحد وجهين:
إما أن تكون السماء بمعنى العلو، فإن السماء يراد بها العلو كما في قوله تعالى:{وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}[النمل: ٦٠] . والمطر ينزل من السحاب المسخر بين السماء والأرض لا من السماء نفسها، فيكون معنى كونه تعالى في السماء أنه في العلو المطلق فوق جميع المخلوقات، وليس هناك ظرف وجودي يحيط به إذ ليس فوق العالم شيء سوى الله تعالى.
وإما أن تكون "في" بمعنى "على" كما جاءت بمعناها في مثل قوله تعالى: {فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ}[آل عمران: ١٣٧] ؛ أي على الأرض، وقوله عن فرعون:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوع}[طه: ٧١] ؛ أي على جذوع النخل، وعلى هذا فيكون معنى قوله تعالى:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}[الملك: ١٦] ؛ أي على السماء أي فوقه، والله تعالى فوق السموات وفوق كل شيء.
فتجد هذا الذي نفى أن يكون الله في السماء حقيقة وقع في المحاذير الأربعة:
- فقد مثل ما فهمه من كون الله تعالى في السماء يكون المخلوق في الحجرة ونحو ذلك.
- وعطل النصوص عما دلت عليه من علو الله في السماء، ثم