للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجيد١ مبين بلسان عربي ليعقل ويفهم٢ ثم تكون كلماته في أعظم المطالب غير معلومة المعنى، بمنزلة الحروف الهجائية التي لا يعلمها الناس إلا أماني، ولا يخرجون بعلمها عن صفة الأمية كما قال تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِي} [البقرة: ٧٨] .

فإن قلت: ما الجواب عن قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: ٧] ، فإن هذا يقتضي أن في القرآن آيات متشابهات لا يعلم تأويلهن إلا الله؟!

قلنا: الجواب أن للسلف في الوقف في هذه الآية قولين:

أحدهما: الوقف عند قوله: {إلا الله} وهو قول جمهور السلف والخلف، وبناء عليه يكون المراد بالتأويل في قوله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: ٧] الحقيقة التي يؤول الكلام إليها، لا التفسير الذي هو بيان المعنى. فتأويل آيات الصفات - على هذا - هو حقيقة تلك الصفات وكنهها، وهذا من الأمور الغيبية التي لا يدركها العقل ولم يرد بها السمع فلا يعلمها إلا الله.

الثاني: الوصل فلا يقفون على قوله: {إلا الله} وهو قول جماعة من السلف والخلف، وبناء عليه يكون المراد بالتأويل في قوله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: ٧] التفسير الذي هو بيان المعنى. وهذا معلوم للراسخين في العلم كما قال ابن عباس رضي الله


١ {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ} .
٢ {حم، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} .

<<  <   >  >>