عنهما:"أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله". وقال مجاهد:"عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أقفه عند كل آية وأسأله عن تفسيرها؟ ".
وبهذا تبين أن الآية لا تدل على أن في القرآن شيئاً لا يعلم معناه إلا الله تعالى، وإنما تدل على أن في القرآن شيئاً لا يعلم حقيقته وكنهه إلا الله على قراءة الوقف، وتدل على أن الراسخين في العلم يعلمون معنى المتشابه الذي يخفى على كثير من الناس على قراءة الوصل.
وعلى هذا؛ فلا تعارض مع ما ذكرناه من أنه ليس في القرآن شيء لا يعلم معناه.
فصل
* وأما كون ما أخبرنا الله به عن نفسه مجهولاً لنا من جهة الكيفية فثابت بدلالة السمع والعقل.
- فأما دلالة السمع فمن وجهين:
الأول: قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً}[البقرة: ٢٥٥] ؛ فإن نفي الإحاطة علماً شامل للإحاطة بذاته وصفاته، فلا يعلم حقيقة ذاته وكنهها إلا هو سبحانه وتعالى، وكذلك صفاته.
الثاني: أن الله أخبرنا عن ذاته وصفاته، ولم يخبرنا عن كيفيتها، وعقولنا لا تدرك ذلك، فتكون الكيفية مجهولة، لنا، لا يحل لنا أن نتكلم فيها أو نقدرها بأذهاننا لقوله تعلى:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء:٣٦] وقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ