- وأما دلالة العقل على ذلك: فلأن الشيء لا تدرك كيفيته إلا بمشاهدته، أو بمشاهدة نظير المساوي له، أو الخبر الصادق عنه، وكل هذه الطرق منتفية في كيفية ذات الله تعالى وصفاته، فتكون كيفية ذات الله وصفاته مجهولة لنا.
وأيضاً؛ فإننا نقول: ما هي الكيفية التي تقدرها لذات الله تعالى وصفاته؟! إن أي كيفية تقدرها في ذهنك، أو تنطق بها بلسانك فالله أعظم وأجل من ذلك، وإن أي كيفية تقدرها في ذهنك، أو تنطق بها بلسانك فستكون كاذباً فيها؛ لأنه ليس لك دليل عليها.
تتمة
بهذا التقرير الذي تبين به أنه لا يمكن أن يكون في القرآن شيء لا يعلم معناه إلا الله – يتبين بطلان مذهب المفوضة الذين يفوضون علم معاني آيات الصفات، ويدعون أن هذا هو مذهب السلف، وقد ضلوا فيما ذهبوا إليه، وكذبوا فيما نسبوه إلى السلف، فإن السلف إنما يفوضون علم الكيفية دون علم المعنى، وقد تواتر القول عنهم بإثبات معاني هذه النصوص إجمالاً أحياناً، وتفصيلاً أحياناً، فمن الإجمال قوله:"أمروها كما جاءت بلا كيف" ومن التفصيل ما سبق عن مالك في الاستواء.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه "درء تعارض العقل والنقل" المعروف باسم "العقل والنقل" ١/١٦ المطبوع على هامش منهاج السنة ١/٢٠١ تحقيق رشاد سالم: "وأما التفويض؛ فمن المعلوم أن الله أمرنا