للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ومثال الطلب: قول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي" يتأول القرآن؛ أي: يمتثل ما أمره الله به في قوله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} [النصر: ١-٣] .

وتقول: فلان لا يتعامل بالربا يتأول قول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} [البقرة: ٢٧٥] .

والتأويل بهذا المعنى مجهول حتى يقع فيدرك واقعاً.

فأما قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: ٧] . فيحتمل أن يكون المراد بالتأويل فيها التفسير، ويحتمل أن يكون المراد به مآل الكلام إلى حقيقته بناء على الوقف فيها والوصل.

فعلى قراءة الوقف عند قوله: {إِلَّا اللَّهُ} ؛ يتعين أن يكون المراد به مآل الكلام إلى حقيقته؛ لأن حقائق ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر لا يعلمها إلا الله عز وجل.

وعلى قراءة الوصل يتعين أن يكون المراد به التفسير، لأن تفسيره معلوم للراسخين في العلم فلا يختص علمه بالله تعالى.

فنحن نعلم معنى الاستواء أنه العلو والاستقرار، وهذا هو التأويل المعلوم لنا، لكننا نجهل كيفيته وحقيقته التي هو عليها، وهذا هو التأويل المجهول لنا.

وكذلك نعلم معاني ما أخبرنا الله به من أسمائه وصفاته، ونميز الفرق بين هذه المعاني فنعلم معنى الحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر ونحو ذلك

<<  <   >  >>