ونعلم أن الحياة ليس هي العلم، وأن العلم ليس هو القدرة، وأن القدرة ليس هي السمع، وأن السمع ليس هو البصر ... وهكذا بقية الصفات والأسماء، لكننا نجهل حقائق هذه المعاني وكنهها الذي هي عليه بالنسبة إلى الله عز وجل.
وهذا المعنيان للتأويل هما المعنيان المعروفان في الكتاب والسنة وكلام السلف.
* المعنى الثالث للتأويل: صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقتضيه. وإن شئت فقل: صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر لدليل يقتضيه.
وهذا اصطلاح كثير من المتأخرين الذين تكلموا في الفقه وأصوله، وهو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات وهل هو محمود أو مذموم؟ وهل هو حق أو باطل؟
والتحقيق: أنه إن دل عليه دليل صحيح فهو حق محمود يعمل به ويكون من المعنى الأول للتأويل وهو التفسير؛ لأن تفسير الكلام تأويله إلى ما أراده المتكلم به سواء كان على ظاهره، أم على خلاف ظاهره ما دمنا نعلم أنه مراد المتكلم.
مثال ذلك: قوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوه}[النحل: ١] . فإن الله تعالى يخوف عباده بإتيان أمره المستقبل، وليس يخبرهم بأمر أتى وانقضى بدليل قوله:{فَلا تَسْتَعْجِلُوه} .
ومنه قوله تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[النحل: ٩٨] ؛ فإن ظاهر اللفظ إذا فرغت من القراءة، والمراد إذا أردت أن