ونحن لا نفرق في الإعجاز العلمي للسنة النبوية بين حقائق فيها سَبْقُ الإخبار، وحقائق ليس فيها سبق الإخبار، حيث إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فِعْلَه أو تقريره يُدخل هذه الأمور في السنة النبوية ويجعلها حقائق، وبالتالي يدخلها في موضوعات الإعجاز العلمي. وتأسيسا على ذلك فإن كل ما جاء في السنة النبوية مما كان عند العرب يدخل في باب الإعجاز العلمي، طالما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبِله وتكلم به وأقره، وبهذا نغلق الباب في وجوه الذين جعلوا السنة النبوية (عضين) فقسموها إلى أمور شرعية من الوحي يُعْمَلُ بها، واجتهادات شخصية وأمور عرفية ليست من الوحي، ونقول لهم: إن كل ما جاء بالسنة النبوية وحي، حتى ولو كان من أعمال العادة التي كانت معروفة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، طالما أنه أقرها، فالموافقة لم تكن عن هوى أو اجتهاد شخصي، بل كانت بالوحي، وما يمكن أن يقال ويقبل "هو أن السنة النبوية جميعها وحي، وأن الأحاديث النبوية وحي في المعنى ونبوية في اللفظ والتعبير"، وليس بالضرورة أن يكون الوحي من جنس الوحي الذي نزل به القرآن الكريم، لكنه وحي من عند الله فلا ينطق عليه الصلاة والسلام إلا حقا.
وألفت النظر إلى أن الإسلام كله معجز، والرسول عليه الصلاة والسلام معجز بذاته وباتصاله الدائم بالوحي. وعلينا نحن المسلمين أن نتجنب الوقوف عند الإعجاز العلمي، ونشغل به عن جوانب الإعجاز في تشريعات الإسلام وتوجيهاته الأخلاقية وعن سيرة سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، وعلينا ألا نجعل خطاب الدعوة الإسلامية مركزاً على الإعجاز العلمي بدعوى