للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الصحيحين: "أن رجلا قال لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية إنه

أوتر بركعة؟ فقال: أصاب، إنه فقيه"٢، فهذه شهادة ابن عباس بفقه معاوية. وابن

عباس من علماء أهل البيت، ومعاوية ليس من السابقين الأولين، بل قد قيل: إنه

من مسلمة الفتح، وقيل: بل أسلم قبل ذلك، وكان يعترف بأنه ليس من فضلاء

الصحابة، ومعلوم بإجماع المسلمين أنه ليس قريبا من عثمان وعلي فضلا عن

أبي بكر وعمر.

وقد تبين بما ذكرنا لكل منصف أريب، ولمن له قلب منيب، جهل هذا المعترض

وطائفته بما عليه أهل البيت، وأن دعواهم ومحبتهم كذب وافتراء، ومجرد دعوى لا

حقيقة لها، كما أن اليهود والنصارى يدعون اتباع أنبيائهم، وهم قد خالفوهم

وسلكوا غير طريقهم.

وكذلك الرافضة والشيعة يدعون اتباع علي وأهل بيته، وهم قد خالفوا طريقهم،

وسلكوا غير منهاجهم، وأن أسعد الناس باتباعهم ومحبتهم أهل السنة والجماعة

القائلون بما دل عليه الكتاب والسنة.


١ أكبر فضيلة لمعاوية عند هؤلاء المثنين عليه، وغيرهم أنه قدر على حفظ
المملكة الإسلامية من التقاتل بين المسلمين، ووجه همتهم وقوتهم إلى الكفار،
وفتح الأمصار، وأكبر غائلة له إخراج منصب الإمامة العظمى عما وضعها فيه
الصحابة بهداية الله ورسوله، وهو الانتخاب الاختياري، إلى عصبية النسب بجعلها
في ولده يزيد الفاجر، ثم إرثا يتداوله بنو أمية، فكان هذا سببا لجعلها كالكرة
يتقاذفها الأقوياء بالعصبية دون هداية الصحابة، وبذلك صارت ملكا عضوضا بعد
الراشدين كما ورد في الحديث.
٢ البخاري: المناقب (٣٧٦٥) .

<<  <   >  >>