للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمة مجمعة على صحة هذا الحديث. وهذا كذب ظاهر، فإن حديث زيد بن أرقم الذي في صحيح مسلم الذي فيه ذكر الثقلين، قد طعن فيه غير واحد من أهل العلم بالأحاديث والأخبار، كأبي حاتم الرازي، وأبي داود السجستاني، فأهل الحديث اختلفوا في صحته: فصححه بعضهم، وطعن فيه بعضهم، فضلا عن جميع الأمة

وأما الأحاديث الأخرى التي ذكرها فليست في دواوين الإسلام المعتمدة كالصحيحين والسنن الأربعة، وإنما يرويها بعض أهل الحديث المتأخرين الذين يروون الصحيح، والضعيف، والموضوع، وعلى تقدير صحتها، فليس فيها حجة على العصمة، ولا على الإمامة؛ لأنها عامة في جميع أهل البيت. ومعلوم أن بني العباس من أهل البيت، وهم عند هذا المعترض من أئمة الجور والظلم، فمدلول هذه الأحاديث يناقض مذهب هذا المعترض، وأشباهه من أهل البدع، والله أعلم.

فصل جدليات الشيعة في أهل السنة وآل البيت

وأما قوله: (فلنرجع إلى الكلام على السؤال والجواب، وإظهار ما فيه من خطأ وصواب) ، وقوله في الجواب (اعلم أن قولنا في هذه الآيات وما أشبهها من آيات الصفات الواردة في القرآن العزيز والأحاديث الواردة في الصحاح، وغيرها هو مذهب السلف الصالح، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... إلى آخره.

ثم قال معترضا عليه: أقول: قد تحجرت واسعا، قال الله -تعالى-: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ١، فقد جعلت سيد المرسلين الذي هو رحمة للعالمين، رحمة لك، ولأهل مذهبك، وللمتسمين بأهل السنة والجماعة خاصة، وأضفته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه -رضي الله عنهم-، وجعلتهم سلفا لك ولأهل نحلتك، فيا ليت شعري، أين تضع أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أخرجتهم عن أن يكون سلفهم جدهم صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتابعيهم لما فسروا كتاب الله، وتأولوا صفات الله على ما تقتضيه لغة العرب، فقد قال -تعالى-:


١ سورة الأنبياء آية: ١٠٧.

<<  <   >  >>