للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المذهب الرابع: أن خبر الآحاد يفيد الظن، ولذلك لا يصح الاعتماد عليه في العقيدة وفي الغيبيات، أما ما سوى ذلك في الأحكام العملية وغيرها فإنه يجب العمل به، وممن قال بهذا المذهب: بعض علماء الكلام، وقال به جمع من المتأخرين والمعاصرين، منهم الشيخ عبد الوهاب النجار؛ فقد قال في كتاب قصص الأنبياء مانصه: "الخبر إذا كان رواته آحادا فلا يصلح أن يكون دليلاً على ثبوت الأمور الاعتقادية الغرض منها القطع، والخبر الظني الثبوت أو الدلالة لا يفيد القطع" (١) .

ومنهم أيضاً: الشيخ محمود شلتوت، فقد قال في الفتاوى - بعد أن ذكر وفاة سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام وأنه لا يَنْزل في آخر الزمان - ما نصه: "وإذا صح هذا الحديث – يعني حديث أبي هريرة في نزول عيسى – فهو حديث آحاد، وقد أجمع العلماء على أن أحاديث الآحاد لا تفيد عقيدة، ولا يصح الاعتماد عليها في شأن المغيَّبات" (٢) .

ويستدل هؤلاء على هذا القول بأن العقائد قطعية فلا يجوز أن يحتج عليها إلا بقطعي، وقد نهى الله عز وجل عن اتباع الظن فى العقائد فقال


(١) قصص الأنبياء في القاعدة رقم (٤) وقد رد عليه الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري في كتاب (آدم عليه السلام) وفي كتاب (عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى عليه السلام) .
(٢) الفتاوى ص ٥٤. وما ادعاه من الإجماع ليس صحيحاً؛ حيث إن ذلك مذهب جماعة من المتكلمين، وبعض من سار على نهجهم من المتأخرين. وخالفهم كثير من العلماء المحققين والأئمة المرضيين الذين نقلنا طرفاً من كلامهم في ثنايا هذا البحث. وقد رد عليه جماعة من العلماء منهم الشيخ مصطفى صبري في كتابه القيم (موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين) والشيخ محمد زاهد الكوثري في كتابه (نظرة عابرة في مزاعم من ينكر نزول عيسى عليه السلام قبل الآخرة) .

<<  <   >  >>