للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"جامع الأصول"، حيث قال: "وخبر الواحد لا يفيد العلم، ولكنا مُتَعبدون به" (١) .

وقد استدل أصحاب هذا الرأي بجواز الخطأ والنسيان على الثقة عقلاً، ومع هذا الجواز العقلي لا يمكن ادعاء القطع، وتلقي الأمة الحديث بالقبول إنما أفاد وجوب العمل به.

قلت: أرى الخلاف بين هؤلاء وبين الذين يقولون إنها تفيد العلم خلافاً نظرياً ليس له أثر في الواقع، فالجميع يوجبون العمل بخبر الواحد إذا توافرت فيه شروط القبول.

هذا، وإننا لا نقول باستحالة الخطأ على جميع النقلة ولا بعصمتهم من تعمد الكذب، ولكننا نقول بالجزم والتصديق عند ظهور علامات تؤيد ذلك، ويقول الإمام ابن القيم: "إن الراوي إذا كذب أو غلط أو سها فلابد أن يقوم دليل على ذلك، ولابد أن يكون في الأمة من يعرف كذبه وغلطه ليتم حفظه لحججه وأدلته، ولا تلتبس بما ليس منها" (٢) .

وينبغي أن نشير إلى أنه لا يمكن أن يكلف الله عز وجل بأمر - ولم يثبت هذا التكليف من طريق التواتر - ثم يعمل المسلم ذلك التكليف وهو يعتقد أن هذا الذي يفعله أمر ظني أو احتمالي والعلم بصحته غير واجب شرعاً، وقد سُئل الإمام أحمد عن إنسان يقول: إن الخبر يوجب عملاً ولا يوجب علماً، فعاب ذلك وقال: ما أدري ما هو؟! (٣) .


(١) جامع الأصول في أحاديث الرسول ١ / ١٢٥.
(٢) مختصر الصواعق المرسلة ص ٦٠٤.
(٣) نقله ابن تيمية في المسودة ص ٢٤٢.

<<  <   >  >>