للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"أجمع أهل الإسلام متقدموهم ومتأخروهم على رواية الأحاديث في صفات الله تعالى وفي مسائل القدر والرؤية وأصول الإيمان والشفاعة والحوض وإخراج الموجودين من المذنبين من النار، وفي صفة الجنة والنار، وفي الترغيب والترهيب والوعد والوعيد، وفي فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ومناقب أصحابه وأخبار الأنبياء المتقدمين وأخبار الرقاق وغيرها مما يكثر ذكره، وهذه الأشياء علمية لا عملية، وإنما تروى لوقوع العلم للسامع بها، فإذا قلنا خبر الواحد لا يجوز أن يوجب العلم، حملنا أمر الأمة في نقل هذه الأخبار على الخطأ وجعلناهم لاغين هازلين مشتغلين بما لا يفيد أحداً شيئاً ولاينفعه، ويصير كأنهم قد دوَّنوا في أمور الدين مالا يجوز الرجوع إليه والاعتماد عليه". ثم قال: "وربما يرتقي هذا القول إلى أعظم من هذا، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أدى هذا الدين إلى الواحد فالواحد من الصحابة، وهذا الواحد يؤديه إلى الأمة وينقله عنه، فإذا لم يُقبل قول الراوي لأنه واحد رجع هذا العيب إلى المؤدِّي، نعوذ بالله من هذا القول البشع والاعتقاد القبيح" (١) .

٢- ما ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: "كنت ساقي القوم في منْزِل أبي طلحة، فكان خمرهم يومئذ الفضيخ، فأتاهم آت فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: يا أنس قم إلى هذه الجرة فاكسرها ... " الحديث (٢) . وهذا فيه دليل على أنهم اعتمدوا خبر هذا الشخص، وأن العمل بخبر الواحد كان معروفاً عندهم.

٣- وقال الإمام القرطبي فى تفسير قول الله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ


(١) نقله ابن القيم فى الصواعق المرسلة انظر مختصره ص ٦٠٨_٦٠٩.
(٢) رواه البخاري ١٣ / ٢٣٢، ومسلم (١٩٨٠) ، ومالك ٢ / ٨٤٦.

<<  <   >  >>