للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: من الآية١٥٠] . مانصه: "في الآية دليل على جواز القطع بخبر الواحد، وذلك أن استقبال بيت المقدس كان مقطوعاً به من الشريعة عندهم، ثم إن أهل قباء لما أتاهم الآتي، وأخبرهم أن القبلة قد حُوِّلت إلى المسجد الحرام قبلوا قوله واستداروا نحو الكعبة، فتركوا المتواتر بخبر الواحد وهو مظنون" (١) .

٤- وقال ابن القيم: "إن خبر الواحد لو لم يفد العلم لم يثبت به الصحابة التحليل والتحريم والإباحة والفروض ويُجْعَلُ ذلك ديناً يدان به في الأرض إلى آخر الدهر، فهذا الصدّيق رضي الله عنه زاد في الفروض التي في القرآن فرض الجدَّة وجعله شريعة مستمرة إلى يوم القيامة بخبر محمد بن مَسلمة والمغيرة بن شعبة فقط، وجعل حكم ذلك الخبر في إثبات هذا الفرض حكم نص القرآن في إثبات فرض الأم، ثم اتفق الصحابة والمسلمون بعدهم على إثباته بخبر الواحد، وأثبت عمر بن الخطاب بخبر حمل بن مالك دية الجنين وجعلها فرضاً لازماً للأمة، وأثبت ميراث المرأة من دية زوجها بخبر الضحاك بن سفيان الكلابي وحده، وصار ذلك شرعاً مستمراً إلى يوم القيامة، وأثبت شريعة عامة في حق المجوس بخبر عبد الرحمن بن عوف وحده، وأثبت عثمان بن عفان شريعة عامة في سكنى المتوفى عنها بخبر فريعة بنت مالك وحدها، وهذا أكثر من أن يذكر، بل هو إجماع معلوم منهم، ولا يقال على هذا إنما يدل على العمل بخبر الواحد في الظنيات ونحن لاننكر ذلك لأنا قد قدمنا أنهم أجمعوا


(١) تفسير القرطبي ٢/١٥١، وقصة أهل قباء المذكورة رواها البخاري ١٣ / ٢٣٣، ومسلم (٩٢٦) ومالك ١/١٩٥.

<<  <   >  >>