للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد جعل الحنفية المشهور قسيم المتواتر والآحاد، وعرَّفوه بأنه ما كان آحاداً في القرن الأول، ثم تواتر بعد ذلك وكثرت رواته في القرن الثاني والثالث (١) .

ومثاله: حديث أنس رضي الله عنه الذي رواه الشيخان: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو على رِعْل وذكوان"، فقد رواه عن أنس: قتادة وعاصم وأبو مِجْلَز: لاحق بن حُميد، وأنس بن سيرين، ورواه عن كل واحد جماعة.

[ما يفيده خبر الآحاد:]

ذهب العلماء في مجال الأخذ به مذاهب مختلفة، وإليك بيانها مع ذكر حُجج كل مذهب:

المذهب الأول: أن خبر الواحد الثقة يفيد العلم اليقيني مطلقاً.

وهذا مذهب داود الظاهري والحسين بن علي الكرابيسي والحارث بن أسد المحاسبي، ونقل عن الإمام أحمد في رواية، وحكاه ابن خويزمنداد عن الإمام مالك، وجزم به الإمام الشافعي في كتاب اختلاف مالك (٢) .وقد أطال ابن حزم النَفَس في إيراد الأدلة على صحة هذا المذهب والرد على مخالفيه في الإحكام، فقال بعد سرد مقدمات: ((وإذا صح هذا فقد ثبت يقيناً أن خبر الواحد العدل عن مثله مُبَلَّغا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حقٌّ مقطوعٌ به، موجب للعلم والعمل معا)) (٣) وقال عبد العزيز البخاري في شرح أصول البزدوي: ((ذهب


(١) انظر: تيسير التحرير شرح كتاب التحرير للشيخ محمد أمين باد شاه ٣ / ٣٧.
(٢) ذكره ابن القيم في الصواعق المرسلة انظر: مختصر الصواعق ص ٥٧٥.
(٣) الإحكام في أصول الأحكام١ / ١٣٧.

<<  <   >  >>