للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أكثر أصحاب الحديث إلى أن الأخبار التي حكم أهل الصنعة بصحتها توجبُ علمَ اليقين بطريق الضرورة، وهو مذهب الإمام أحمد بن حنبل" (١) .

واختاره من المتأخرين العلامة صديق حسن خان فقال في كتابه "الدين الخالص": "والضرب الآخر من السنة خبر الآحاد يرويه الثقات الأثبات بالسند المتصل والصحيح والحسن، فهذا يوجب العمل عند جماعة من علماء الأمة وسلفها الذين هم القدوة في الدين والحجة الأسوة في الشرع المُبِين، ومنهم من قال: يوجب العلم والعمل جميعاً، وهو الحق وعليه درج سلف هذه الأمة وأئمتها، لأن المتواترات – على حساب اصطلاح القوم – قليل جداً، وغالب السنة الشريفة آحاد، والعمل بها واجب حتم" (٢) واختار هذا القول من المعاصرين الأستاذ العلامة أحمد شاكر فقال في الباعث الحثيث بعد أن ذكر أقوال العلماء في إفادته: "والحق الذي ترجحه الأدلة الصحيحة ما ذهب إليه ابن حزم ومن قال بقوله، من أن الحديث الصحيح يفيد العلم القطعي، سواء أكان في أحد الصحيحين أم في غيرهما، وهذا العلم اليقيني علم نظري برهاني، لا يتحصل إلا للعالم المتبحر في الحديث العارف بأحوال الرواة والعلل ... وهذا العلم اليقيني النظري يبدو ظاهراً لكل من تبحر في علم من العلوم، وتيقنت نفسه بنظرياته، واطمأن قلبه إليها ... " (٣) . وممن قال هذا الرأي أيضاً الدكتور صبحي الصالح في كتابه علوم الحديث حيث قال: "ورأي ابن حزم أولى بالاتباع؛ إذ لا معنى لتخصيص أحاديث الصحيح بإفادة القطع، لأن ما ثبت صحته في غيرهما ينبغي أن يحكم عليه بما حكم عليه


(١) كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي ٢ / ٣٧١.
(٢) الدين الخالص ٣ / ٢٨٤.
(٣) الباعث الحثيث ص ٣٧.

<<  <   >  >>