للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٣ - هذا الدليل فيه ضعف؛ لأن حاصله يرجع إلى محض الدعوى في موضع الخلاف من غير دلالة ومع ذلك هي مقابلة بمثلها، وهو أن نقول: "ونحن نجد في أنفسنا العلم بذلك، وليس أحد الأمرين أولى من الآخر" (١) .

ثانياً: لو كان خبر الواحد مفيداً للعلم لما صح ورود خبرين متعارضين

- لاستحالة اجتماع الضدين - لكن رأينا وجود التعارض في أخبار الآحاد كثيراً. إذ لو كانت مفيدة للعلم لما وقع التعارض بينها؛ لأن الخبرين المفيدين للعلم لا يتعارضان (٢) .

أجيب عن ذلك الدليل بما يلي:

١ - أن خبر الواحد إذا حُفَّت به قرائن تدل على صدقه لا يسوغ ولا يجوز أن يتعارض مع غيره أبداً في الأمر نفسه إلا كما يسوغ ويجوز التعارض بين الأخبار المتواترة أو التعارض بين الآيات الكريمة، والتعارض في واقع الأمر نفسه لا يقع بين الأدلة الشرعية، وإنما يبدو لذهن المجتهد، وحينئذ لابد من الترجيح، وذلك بحمل العام على الخاص أو المطلق على المقيد أو الحقيقة على المجاز. وقبل الترجيح يسلك المجتهد طريقَ معرفةِ تاريخ ورود كل منهما، فإن علم تقدم أحدهما على الآخر حَكَمَ بالنسخ، ولا كلام في ذلك، فإن لم يعلم التاريخ فإنه يلجأ إلى الجمع بين الدليلين المتعارضين.

ثالثاً: أن خبر الواحد لو كان مفيداً للعلم لجاز أن ينسخ القرآن والحديث المتواتر، لكونه بمنزلتهما في إفادة العلم، ولكن لما لم يجز نسخ خبر الواحد للقرآن والحديث المتواتر دلَّ على أنه لا يفيد العلم فصارت مرتبته أقل


(١) إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر ج ٣/١٢٣.
(٢) الإحكام للآمدي ج ٢/ ٣٣. إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر ج ٣/ ١٢٣.

<<  <   >  >>