عباراتها دون مجاوزة لها إلى غيرها من كتب الفقه فضلا عن الكتاب والسنة.
عكف الحنفية على كنز الدقائق، لحافظ الدين عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي المتوفى سنة ٧١٠ هـ.
وعكف المالكية على مختصر خليل، تأليف العلامة الشيخ خليل بن إسحاق المالكي المتوفى سنة ٧٦٧ هـ.
وعكف الشافعية على متن منهاج الطالبين، تأليف شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، المتوفى سنة ٩٢٦ هـ.
وعكف الحنابلة على كتاب المقنع في فقه الإمام أحمد، من تأليف موفق الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن قدامة، المتوفى سنة ٦٢٠ هـ.
هذه الكتب وما يدور في فلكها هي محور الدراسة والتعليم والتأليف، وكثيرا ما يعني استنباط الأحكام مباشرة من الكتاب والسنة الزيغ والانحراف، فيتصدى لأي محاولة من هذا القبيل بالنقد الشديد، نظرا لسد الفقهاء باب الاجتهاد وإصرارهم على قفله، ومن لم يتبين منهم هذا المبدأ كفقهاء الحنابلة وقولهم باستمرار الاجتهاد وفتح بابه لمن أوتي القدرة العلمية المؤهلة. فقد كان هذا منهم نظريا أكثر منه عمليا، يبرز هذا المعنى ما ذكره أحمد بن حمدان الحراني الحنبلي في أقسام المجتهدين في عبارته التالية:
"والمجتهد أربعة أقسام: مجتهد مطلق، ومجتهد في مذهب إمامه أو في مذهب إمام غيره، ومجتهد في نوع من العلم، ومجتهد في مسألة منه أو مسائل" وفي معرض حديثه عن المجتهد المطلق وتعريفه له يقول:
"وهو الذي إذا استقل بإدراكه للأحكام الشرعية من الأدلة الشرعية العامة والخاصة، وأحكام الحوادث منها مع حفظه لأكثر الفقه ولا يقلد أحدا ولا يتقيد بمذهب أحد.. ومن زمن طويل عدم المجتهد المطلق، مع أنه الآن أيسر منه في الزمن الأول لأن الحديث والفقه قد دونا، وكذا ما يتعلق بالاجتهاد من الآيات والآثار، وأصول الفقه، والعربية وغير ذلك، لكن الهمم قاصرة والرغبات فاترة، ونار الجد والحذر خامدة اكتفاء بالتقليد، واستعفاء من التعب الوكيد، وهربا من الأثقال، وأربا في تمشية الحال وبلوغ