للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الآمال، ولو بأقل الأعمال، وهو فرض كفاية قد أهملوه وملوه ولم يعقلوه ليفعلوه"١.

هذه هي الحالة العلمية الفقهية التي كانت تعيشها البلاد الإسلامية عموما. وهنا نريد من خلال هذه الصورة أن نتلمس ما كانت عليه الحالة العلمية والفقهية في مسقط رأس شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب خصوصا؛ لندرك مدى تأثره بها.

من الطبيعي أن تكون تلك الصورة للحالة العلمية والفقهية في العالم الإسلامي صادقة تماما على نجد، فتعيش التخلف الفكري الفقهي الذي يعيشه العالم الإسلامي صورة مطابقة، وهذا الجانب العلمي وإن لم يتعرض له الكثير من الدارسين لهذا الجزء في جزيرة العرب، فقد تعرض له البحاثة الفقيه الشيخ عبد الله البسام، وأعطى صورة وافية لما كانت عليه الحالة العلمية والفقهية فيها بقوله: "منذ عرفنا علماء نجد حتى قيام الشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله تعالى- فإن علمهم يكاد ينحصر في الفقه، أي: في المسائل الفروعية الفقهية، والمذهب السائد لديهم هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله فعلمهم لا يكاد يخرج عن تحقيق هذا النوع من العلم؛ فعلوم التفسير والحديث والتوحيد مشاركتهم فيها قليلة جدا، وعلوم اللسان لا يهتمون منها إلا بعلم النحو في مختصرات كتبه التي يتعلمون فيها ما يقوم ألسنتهم عن اللحن، وماعدا هذا فيعتبرون تعلمه مضيعة للوقت ومشغلة عما هو أولى منه، ويندر منهم من يتعدى الفقه إلى غيره من العلوم فيشارك في تحصيله مشاركة قليلة.

أما فقه الإمام أحمد فهم يجيدونه إجادة تامة، ويعنون به عناية فائقة، حيث يدرسون كتبه دراسة إمعان، ويبحثونها بحث تحقيق وتدقيق٢.

وفيما يتصل بالوسط العائلي للشيخ محمد بن عبد الوهاب، فإنه عاش وسطا علميا متشبعا بالفقه في عائلة توارثت القضاء، فوالده الشيخ عبد الوهاب تولى قضاء العيينة


١ صفة الفتوى والمستفتي, الطبعة الأولى (بيروت: منشورات المكتب الإسلامي ١٣٨٠) ص١٦,١٧.
٢ علماء نجد خلال ستة قرون, الطبعة الأولى (مكة المكرمة- مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة ١٣٩٨ جـ١ ص١٧) .

<<  <   >  >>