للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويكون بتقليل المسائل وحذف بعضها أو بتقليل الألفاظ مع تأدية المعنى كاملا كما يكون أحيانا بكلتا الطريقتين معا تقليل المسائل والألفاظ مع استكمال المعنى. يقول موفق الدين ابن قدامة:

"وفائدة الاختصار التقريب والتسهيل على من أراد تعلمه وحفظه فإن الكلام يختصر ليحفظ"١.

وتصرف الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الشرح الكبير بتقليل العبارات وحذف التعليلات، والأدلة أحيانا، والاستغناء بالبعض منها أحيانا كثيرة، وحذف بعض الأقوال، أما المسائل والموضوعات الفقهية التي وردت بعنوان مستقل في الشرح الكبير فإنه لم يتصرف فيها بالحذف، بل أوردها مدمجة مع بعضها البعض دون تمييز بينها في التبويب، الأمر الذي خالف به صنيع مؤلف كتاب الشرح الكبير (الأصل) .

والأسلوب الذي اتبعه في اختصاره أسلوب محكم متماسك لا يشعر القارئ فيه بفجوة أو بتر للأفكار والمعاني.

وبنظرة فاحصة على المسائل التي تذكر في نهاية الأبواب الفقهية المعنونة بخط بارز في هذه العبارة "ومن هنا إلى آخر الباب من الإنصاف" فليست في الحقيقة اختصارا من هذا الكتاب (الإنصاف) بالمعنى الدقيق المعروف والذي سبق بيانه، فالباحث يدرك من تتبعه لها ومقابلتها مع ما في الإنصاف أنها مسائل مختارة من مواضيع مختلفة من كل باب جرى عرضه، يربط بينها أمران موضوع الباب واختيارات الشيخ تقي الدين ابن تيمية، بالإضافة إلى أنه لم ينقل من الإنصات شيئا في أربعة وعشرين بابا فقهيا، تتبين من الرجوع إلى الكتاب نفسه.

وإن هذه الأمور مجتمعة ترجح أن يكون مقصود المؤلف بهذه العنونة "ومن هنا إلى آخر الباب من الإنصاف" هو مجرد الإشارة إلى مصدر المسائل المدونة تحتها لا غير، وإذا جاء عنوان الكتاب بـ "مختصر الإنصاف والشرح الكبير" فهو من قبيل التغليب.

وإلا فما جاء نقله من الإنصاف هو بالأصالة تجميع لاختيارات شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية في موضوعات فقهية خاصة من كتاب الإنصاف تشير إلى الجانب الاجتهادي في شخصيته العلمية.


١ المغني, المدينة المنورة، منشورات المكتبة السلفية جـ١ , ص٤ تصوير.

<<  <   >  >>