السابق وهو في نفسه موضوع تمهيدي سابق على (كتاب آداب المشي إلى الصلاة) ، ولهذا فإنه يمكن اعتبار الكتب الثلاثة (كتاب الطهارة، وكتاب شروط الصلاة وأركانها، وكتاب آداب المشي إلى الصلاة) مؤلفا واحدا في موضوع فقهي واحد.
مبحث الاجتهاد والخلاف
عنوان هذا الكتاب يختلف عن موضوعه؛ إذ أن محتواه هو حجية قول الصحابي والاختلاف في ذلك، وهذا العنوان أثبته المصححان كما وجداه على النسخة الأصلية ويتحدثان عن هذا في قولهم:"وقد كتب على الصفحة الأولى منها بخط الناسخ هذه العبارة: هذه الرسالة تأليف الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي وهي مبحث الاجتهاد والخلاف".
ويبدو أن المصححين غير مقتنعين بسلامة هذا العنوان، وما دوناه هو أداء للأمانة العلمية، ولا شك أن مضمون الرسالة يمثل جزء من العنوان، فلعل لهذه الرسالة بقية فيتطابق العنوان والمحتوى.
وموضوع حجية قول الصحابي من الموضوعات الأصولية التي شغلت حيزا كبيرا في هذا العلم، وأنتج القول به وعدمه اختلافا بين الفقهاء لخصه الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كتاب إعلام الموقعين لابن القيم، وهو تلخيص مركز متين بأسلوب سهل مبسط توصل فيه إلى نفس النتائج التي توصل إليها ابن القيم، وذلك:(أن الصحابي إذا لم يخالفه في قوله صحابي آخر واشتهر بينهم فإنه يعتبر حجة) ، وذكر ستة وأربعين وجها ودليلا على هذه النتيجة، ثم نفذ من ذلك إلى بحث حجية قول التابعي، وفي نهايته يعرض رأيه بأسلوب هادئ متزن في قوله:"وقد اختلف السلف: فمنهم من يقول: يجب اتباع التابعي فيما أفتى به كذلك، ومن تأمل كتب الأئمة ومن بعدهم، وجدها مشحونة بالاحتجاج بتفسير التابعي".
وينتقل من هذا الموضوع إلى بحث أمور هامة تتعلق بالفتوى والمفتي، ما خلاصته أن على المفتي الجواب عن المسألة بقدر الإمكان فإن لم يأمن غائلة الفتوى وخاف أن يترتب عليها شيء أكبر من الإمساك عنها، أمسك ترجيحا لدفع أعلى المفسدتين. كما له العدول عن جواب المستفتي عما سأله عنه إلى ما هو أنفع منه١.
١ مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، القسم الثاني (الفقه) جـ٢ , ص٣٦، ٣٧.