وقوله تعالى في أهل الكتب السماوية جميعا:{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}[المائدة من الآية: ٦٦] .
ولقد استوى لأهل نجد كافة حين انتصروا بإخلاصهم للدين وتفانيهم في نصرته والاستشهاد في سبيله أن الله لم يمكن لهم من الملك إلا بما أخلصوا وعملوا، وقد تمت لهم الثقة بأنه لن يدوم لهم هذا النصر والتمكين إلا إذا جعلوا للتوحيد سلطانه الأقوى دون أن يشاب بشرك كبير أو صغير.
وما من نصر فازوا به منذ محمد بن سعود إلى عبد العزيز بن عبد الرحمن وفيما بينهما ومن بعدهما إلا أشاروا إلى سببه الديني في كل خطبة وكتاب وكل تقرير. ويرون أن الله١ لم يصب آباءهم وبلادهم بما كان من عذاب وشقاء إلا من التهاون في أمر الدين، ومن أجل ذلك مكن الأمراء لشيوخ الدين من حولهم، وسمعوا لنصائحهم وأصغوا لوصاياهم ونفذوا ما يشيرون به ما وجدوا لتنفيذه سبيلا، يسدون بذلك كل ثلمة، ويفتحون به كل باب لإعلاء كلمة الله.
ولم يقتصر نفع الرزق الذي فاض في الجزيرة على أهل الجزيرة بل تعداها إلى المواطن العربية والإسلامية، فانتفع به المعلمون والأطباء والخبراء من كل صنف، وكان مال الجزيرة عدة في كثير من النكبات التي تصيب العرب أو المسلمين، فلم تتأخر عنهم يد المعونة لمسح الدموع والأحزان، وبذلك باتت الأرض السعودية أملا ومقصدا دنيويا كما كانت الحجاز أملا ومقصدا أخرويا.