للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإشكالات عن القلوب١ لأن اختلاف الخلائق حكم ضروري أزلي بينه قوله تعالى: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود من الآيتين: ١١٨-١١٩] ؛ فالناس دائما في حاجة لرحمة الله في مطلع فجر جديد.

مطلع الفجر:

وطلع الفجر عندما استيقظت حران المسلمة العريقة في المعرفة فولدت أضواء صبح مستعرض. هم بنو تيمية، وكان أقربهم إلى أضواء النهار تقي الدين أحمد بن عبد الحليم وتلميذه الفذ شمس الدين محمد بن قيم الجورية٢.وعلى رغم ما لقيه هذان الرجلان في نفسيهما وفيما رزقهما الله من علم وتقوى فإنهما تركا من بعدهما تراثا وقادا ما يكاد ينهتك عنه ستر الليل ويسفر صبحه حتى تبزغ الشمس عن نور منتشر مستفيض.

وقد نشأت ببني تيمية مدرسة عقلية لا تقول بالرأي، وإنما تبحث عن الأدلة القاطعة التي يقدر عليها العقل الراشد والميزان السليم لإثبات أحكام الشرع.

وقد فرغت هذه المدرسة من أن الأحكام الواردة في نصوص الشريعة الإسلامية لا بد أن تكون عن إرادة من الشارع الحكيم لمنفعة الناس.

وتوسعت هذه المدرسة في الرد على كل مخالف لطريق السنة ولا سيما الجهمية القائلين بخلق القرآن، وتعطيل الباري جل وعلا عن صفاته،


١ - القسطاس المستقيم: ٦٩.
٢ - كني شمس الدين بابن القيم لأن أباه كان قيما على مدرسة يقال لها الجوزية.

<<  <   >  >>