للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يكاد يسمح بالزكاة لا يمنعها إلا أن رؤساءهم صدوهم عن ذلك الرأي، وقبضوا على أيديهم في ذلك، كبني يربوع، فإنهم جمعوا صدقاتهم وأرادوا أن يبعثوا بها إلى أبي بكر فمنعهم مالك بن نويرة من ذلك وفرقها فيهم (١) ، وفي أمر هؤلاء عرض الخلاف، ووقعت الشبهة عند عمر رضي الله عنه، فراجع أبا بكر وناظره واحتج عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم نفسه وماله"، وكان هذا من عمر تعلقا بظاهر الكلام قبل أن ينظر في آخره ويتأمل شرائطهن فقال له أبو بكر: "الزكاة حق المال" يريد أن القضية قد تضمنت عصمة دم ومال معلقة بإيفاء شرائطها. والحلق المعلق بشرطين لا يحصل بأحدهما والآخر معدوم.

ثم قايسه بالصلاة ورد الزكاة إليها. وكان في ذلك من قوله دليل على قتال الممتنع من الصلاة وإن (٢) كان إجماعا من الصحابة رضي الله عنهم، ولذلك رد المختلف فيه إلى المتفق عليه.

فلما استقر عندهم رأي أبي بكر رضي الله عنه وبان لعمر صوابه تابعه على قتال القوم، وهو معنى قوله: " فلما رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال عرفت أنه الحق" يريد انشراح صدره بالحجة التي أدلى، والبرهان الذي أقامه نصا ودلالة, انتهى.

وقال النووي أيضا: قال الخطابي –ويبين لك أن حديث أبي هريرة مختصر – أن عبد الله بن عمر وأنسا روياه بزيادة لم يذكرها أبو هريرة.

ففي حديث ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" (٣) .


(١) انظر تفصيل حادثة الردة في البداية والنهاية لابن كثير٦/٣٥٠.
(٢) سقطت من المخطوطة.
(٣) تقدم الكلام عليه.

<<  <   >  >>