ب - أن "يوسابيوس" المؤرخ نقل عن "أوريجانوس المصري" المتوفى في حدود عام ٢٥٣م, وهو أحد كبار آباء الكنيسة النصارى أنه قال عن "بولس": إنه لم يكتب إلى كل الكنائس التي عملها، ولم يرسل سوى أسطر قليلة لتلك التي كتب إليها٩٢، وأكد هذا أيضاً "يوسابيوس" نفسه المتوفى سنة ٣٤٠م، حيث يقول عن "بولس" ورسائله: "فبولس مثلاً الذي فاقهم جميعاً في قوة التعبير وغزارة التفكير لم يكتب إلا أقصر الرسائل"٩٣.
فهذان النصان لهما أهمية كبرى في الدلالة على أن بولس لم يكتب إلا شيئاً قليلاً، وذلك بخلاف الموجود بين أيدي النصارى الآن، فإنه يوازي في حجمه الأناجيل الثلاثة " متى، مرقص، لوقا" مجتمعة، مما يدل على أن الرسائل الموجودة ليست هي رسائل "بولس" الأصلية، أو أنها تعرضت هي الأخرى للتحريف والإضافات المطولة.
ج - أن النصارى يشكون في صحة نسبة عدة رسائل إلى "بولس" من ضمنها الرسالة إلى "كولوسي" و"أفسس" ورسالته الأولى والثانية إلى "تيموثاوس" ورسالته إلى "تيطس"، فهذه كلها مشكوك في صحة نسبتها إليه، وبعضهم يرى أن كاتبها أحد اتباع "بولس", وأن كاتبها اعتمد في ذلك على أفكاربولس. أما الرسالة إلى "العبرانيين" فقد رفضت وكان الشك فيها قديماً واستمر وقتا طويلاً٩٤.
ثالثاً: بطلان النصوص التي استدل بها النصارى من "رسائل بولس":
سبق أن ذكرنا أن النصارى يستدلون على المجيء بدعوى "بولس" في رسالته إلى "كورنثوس" ١٥/٥١ "هو ذا سر أقوله لكم لا نرقد كلنا ولكننا