للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (١) . إذ خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته سجود تكريم، وعلّمه الأسماء كلها، وخلق له زوجا من نفسه وجعل بينهما مودة ورحمة، وأسكنهما جنته، وترك لهما الحرية كاملة في التمتع بالأكل منها حيثما شاءا رغدا، إلا أن لهذه الحرية حدودا، فنهاهما الله عن الاقتراب من شجرة واحدة معنية بالإشارة إليها تأكيدا للتحذير لما في معصية الأكل منها من سوء العاقبة بالنسبة إليهما، لكنهما ضعفا أمام إغراء الشيطان فأزلهما عما كانا فيه فأهبطهما إلى الأرض التي قدر الله أن يكون فيها آدم وبنوه خليفة كما أخبر الله ملائكته قبل خلقه بقوله: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (٢) ولم يتركه لنفسه، ولم يغلق دونه باب رحمته ولا نعمة توبته من نسيانه الذي أضعف عزمه، بل ألهمه "الاستغفار" وعبادة التوبة: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} (٣) وبين له طريق الهدى وسبيل الفلاح، وحذره


(١) الإسراء: ٧٠.
(٢) البقرة: ٣٠.
(٣) البقرة: ٣٧.

<<  <   >  >>