[أما المسألة الأولى] فقول السائل هل يجوز الخوض فيما تكلم الناس فيه من مسائل في أصول الدين لم ينقل عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيها كلام أم لا؟ سؤال ورد بحسب ما عهد من الأوضاع المبتدعة الباطلة.
فإن المسائل التي هي من أصول الدين _ التي تستحق أن تسمى أصول الدين _ أعني الدين الذي أرسل الله به رسوله، وأنزل به كتابه: لا يجوز أن يقال: لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها كلام؛ بل هذا كلام متناقض في نفسه إذ كونها من أصول الدين يوجب أن تكون من أهم أمور الدين؛ وأنها مما يحتاج إليه الدين، ثم نفى نقل الكلام فيها عن الرسول يوجب أحد أمرين:
إما أن الرسول أهمل الأمور المهمة التي يحتاج الدين إليها فلم يبينها، أو أنه بينها فلم تنقلها الأمة، وكلا هذين باطل قطعا. وهو من أعظم مطاعن المنافقين في الدين؛ وإنما يظن هذا وأمثاله من هو جاهل بحقائق ما جاء به الرسول، أو جاهل بمايعقله الناس بقلوبهم، أو جاهل بهما جميعا.
فإن جهله بالأول: يوجب عدم علمه بما اشتمل عليه ذلك من