للإمام أبي عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي المعروف بالموفق بن قدامة ٥٤١-٦٢٠هـ
تحقيق وتعليق: الدكتور يوسف بن محمد
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن من أعظم الأمور التي وقع فيها الخلاف بين هذه الأمة: مسألة القرآن وكلام الله تعالى، فإن سلف هذه الأمة وأئمتها، كانوا على صراط مستقيم في هذه المسألة كغيرها من المسائل، فقد كانوا يعتقدون أن هذا القرآن كلام الله-تعالى- وأنه منزل منه- جل وعلا- حتى نبغت نابغة الجهمية، فأتوا بقول خالفوا فيه من سبقهم، وشاقوا بذلك على المسلمين، وخالفوا إجماعهم وما كانوا عليه متفقين، وكان لهؤلاء الجهمية الدولة في وقت من الأوقات، فامتحنوا بذلك علماء هذه الأمة، وجعلوا القول بخلق القرآن دليل الإيمان، وترك القول به دليلا على عدمه، وقتلوا من قتلوا من العلماء، وسجنوا