للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم جاء دور التابعين ليشاركوا في هذا المجال، فبرع فيهم الكثيرون أمثال محمد بن سيرين، وهو أول من تكلم في الرجال من التابعين١، ولم ميدان النقد مقصوراً على المدينة باعتبارها مهد الدولة الإسلامية، بل انتشر هذا المنهج في سائر البلاد الإسلامية فبرع بالكوفة النقّاد العظام ولهم في البصرة نظائر، وكذا في بغداد وبلاد فارس وغيرها، وذلك بفضل انتشار العلم وأهله في البلاد الإسلامية.

وما أن أطل القرن الثالث الهجري حتى ظهر هذا الفن بصورته المميّزة كعلم من علوم الحديث، وقد برع فيه فرسانه الذين تكلموا في الرواة كابن المديني وابن معين، ولم يزل المسلمون يتناقلون هذا العلم جيلاً بعد جيل إلى يومنا هذا، ولكل جيل نقاده.

ز- تدوين النقد ومراحل تطوره:

لقد ساير تطور النقد منذ البدء تطوراً في تدوينه، إذ كان النقد في أول أمره عبارة عن أقوال تقال في الرواة وعلل الحديث، وملاحظات حديثية عابرة، أو تصويبات واستدراكات تكتب في الهوامش. وقد كان هذا بداية لما عرف بعد بالمسانيد المعللة، وكانت هذه المسانيد تشمل على معلومات حديثية متباينة، ولعل هذه المسانيد كانت أول كتب النقد نشأة٢.

ثم نمت تلك المعارف من جديد وأخذت تنفصل عن كتب الحديث بمسميات مختلفة، فكان منها ما يسمى بالسؤالات، والتي جاء على نمطها المخطوط الذي أقوم بتحقيقه الآن، حيث كان التلاميذ يدوّنون ما يلتقطونه من إجابات شيوخهم على الأسئلة الموجهة إليهم سواء كانت الأسئلة منهم أو من زملائهم.

ومن الواضح أن كتب السؤالات هذه احتفظت بمادة علمية دقيقة في


١ شرح علل الترمذي، ٨٢.
٢ مقدمة تاريخ ابن معين ١/٢٢.

<<  <   >  >>