لا أظن أن الباحث الكريم بحاجة إلى التنويه بفائدة كتب الرجال على اختلاف أنواعها. فهذه الكتب تعتبر مصدرا رئيسياً يمكن الاعتماد عليه للوصول إلى حقيقة حال من ترجم لهم فيها، إضافة إلى ما تنفرد به تلك الكتب من مواد علمية جديدة.
وقد بدأ المسلمون بالتصنيف في كتب الرجال في وقت مبكر، وأفردوا لكل نمط معين من الناس كتباً خاصة بهم، فنجد منها تلك التي اهتم مصنفوها بذكر رواة الحديث النبوي الشريف، ونجد أخرى اقتصرت على ذكر المفسرين، وتلك في البلغاء واللغويين، ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، بل تعداه إلى التصنيف في البخلاء والمغنين وما إلى ذلك.
والواقع أن البدء المبكر في هذا النمط من التصنيف ليدل على ما تمتع به المسلمون الأوائل من وعي ثقافي، ومستوى علمي رفيع، على أن المحدثين كانوا أول من طرق هذا الباب، فأخذوا بتقييد أسماء الصحابة والتابعين، وتبيين أحوالهم على اعتبار أنهم نقلة السنّة المطهرة، الأمر الذي دعا من جاء بعدهم ليحذو حذوهم، فوصفوا رواة الحديث من بعد، وهكذا.
وقد اتبع المصنفون في تواليفهم أساليب متعددة، فمنهم من صنف كتابه