للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا عذلوا فيها أجبت بأنة ... حبيبتا قلبي فؤادي هيا جمل١

لأنه عار من الوجه الذي ذكرته. فأما ما يذهب إليه من التصغير بمعنى التعظيم في مثل قول الشاعر:

وكل أناس سوف يدخل بينهم ... دويهية تصفر منها الأنامل

فقد حكى أن أبا العباس المبرد كان ينكره ويزعم أن التصغير في كلام العرب لم يدخل إلا لنفي التعظيم ويتأول دويهية وما يجري مجراها بأن يقول أراد خفاءها في الدخول فصغرها لهذا الوجه وهو ضد التعظيم المذكور ويقوى عندي ما ذهب إليه أبو العباس المبرد أنهم إذا وضعوا التصغير أمارة للتحقير والتعظيم معاً فقد زالت الفائدة به ولم يكن دليلا على واحد منهما بل يرجع إلى المقصود باللفظة ويلتمس بيان ذلك من جهة المعنى دون اللفظ فليس للتصغير تأثير. وعلى كلا القولين فليس التصغير عندي وجهاً من وجوه الفصاحة إلا في الموضع الذي ذكرته دون ما يسمونه تصغيراً في التعظيم وعلى هذا أحمل قول المتنبي:

أحاد أم سداس في أحاد ... لييلتنا المنوطة بالتناد

فلا أختار التصغير في لييلتنا لأنه تصغير تعظيم وليس على الوجه الذي ذكرته.

فأما قول أبي نصر بن نباتة يصف الحية:

ففي الهضبة الحمراء إن كنت ساريا ... أغيبر يأوي في صدوع الشواهق

فإن تصغيره ها هنا مرضى على ما ذكرته لأن الحية توصف بأنها لا تغتذي إلا بالتراب قد جف لحمها وذهبت الرطوبة منها ألا ترى إلى قول النابغة:


١ جمل اسم محبوبته.

<<  <   >  >>