للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حكمة حكم بها فيهم، ففصل بها بين الحق والباطل، وبين لهم بها مجمل ما في آي القرآن، وعرَّفهم بها معاني ما في التنزيل " (١) .

وأكد أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي هذا المعنى الذي سبقه إليه غيره من أهل العلم وزاده وضوحا وإشراقا فكان مما قاله: "تأولت العلماء أن الحكمة هاهنا هي السنة؛ لأنه قد ذكر الكتاب، ثم قال: والحكمة، ففصل بينهما بالواو، فدلّ ذلك على أن الحكمة غير الكتاب، وهي ما سن الرسول صلى الله عليه وسلم مما لم يُذكر في الكتاب؛ لأن التأويل إن لم يكن كذلك فيكون كأنه قال: وأنزل عليك الكتاب والكتاب، وهذا يبعد " (٢) .

أما قول برويز: إن تقسيم الوحي إلى جلي متلو وخفي غير متلو مستعار من اليهود، الأول: المكتوب، والثاني: المنقول بالرواية، فيقال له: ضللت في التشبيه بين المسلمين واليهود؛ إذ يشترط المسلمون للرواية اتصال السند من مبدئه إلى منتهاه بالعدول الضابطين، وليس ذلك عند اليهود أو عند غيرهم من أمم الكفر والشقاق.

وقد دلّ القرآن على أن هناك وحياً من الله إلى رسوله زيادة على مافي القرآن المتلوّ، قال الله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} فقد كانت القبلة في أول الإسلام إلى بيت المقدس فأين في القرآن النص على وجوب التوجه إلى بيت المقدس؟ لم يثبت هذا الأمر إلا بالسنة، ثم نسخت بالقرآن.


(١) تهذيب الآثار والسنن – السفر الأول – مسند ابن عباس ١٨٢.
(٢) السنة ١١٠.

<<  <   >  >>