للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جرى١ بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما خصومة، وبين العباس وعلي رضي الله عنهما٢ وبين كثير من الصحابة وكلهم كانوا أولياء لله عز وجل.

قوله: "وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه" فيه إشارة إلى أنه لا تقدم نافلة على فريضة وإنما سميت النافلة نافلة إذا قضيت الفريضة وإلا فلا يتناولها اسم النافلة ويدل على ذلك قوله: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه" لأن التقرب بالنوافل يكون بتلو أداء الفرائض ومتى أدام العبد التقرب بالنوافل أفضى ذلك به إلى أن يحبه الله عز وجل. ثم قال: "فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به" إلى آخره فهذه علامة ولاية الله، لمن يكون الله قد أحبه، ومعنى ذلك أنه لا يسمع ما لم يأذن الشرع


١ رواه البخاري في فضائل الصحابة باب قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذاً خليلاً" رقم ٣٦٦١ عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما صاحبكم فقد غامر"، فسلم وقال: يا رسول الله، إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيءٌ، فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ، فأقبلت إليك. فقال: "يغفر الله لك يا أبا بكر" - ثلاثاً-. ثم إن عمر ندم، فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثمّ أبو بكر؟ فقالوا: لا. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم - مرتين -. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ " - مرتين-. فما أوذي بعدها. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: إن الشيء الذي كان بينهما رضي الله عنهما إنما هو محاورة أو مراجعة أو معاتبة.
٢ رواه البخاري في فرض الخمس باب فرض الخمس رقم ٣٠٩٤ وهو حديث طويل لا مجال لذكره هنا.

<<  <   >  >>