للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودة" ١ فلم تره سودة قط فقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالولد للفراش وأنه لزمعة على الظاهر وأنه أخو سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم لأنها بنت زمعة وذلك على سبيل التغليب لا على سبيل القطع ثم أمر سودة بالاحتجاب منه للشبهة الداخلة عليه فاحتاط لنفسه وذلك من فعل الخائفين من الله عز وجل إذ لو كان الولد ابن زمعة في علم الله عز وجل لما أمر سودة بالاحتجاب منه كما لم يأمرها بالاحتجاب من سائر إخوانها عبد وغيره.

وفي حديث عدى بن حاتم أنه قال: يا رسول الله إني أرسل كلبي وأسمي عليه فأجد معه على الصيد كلبا آخر قال: "لا تأكل إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره" ٢ فأفتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشبهة أيضاً خوفاً من أن يكون الكلب الذى قتله غير مسمى عليه فكأنه أهل لغير الله به وقد قال الله تعالى في ذلك: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} ٣. فكان في فتياه صلى الله عليه وسلم دلالة على الاحتياط في الحوادث والنوازل المحتملة للتحليل والتحريم لاشتباه أسبابها وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" ٤. وقال بعض العلماء: المشتبهات ثلاثة أقسام:


١ رواه البخاري في الفرائض باب الولد للفراش حرة كانت أو أمة حديث رقم ٦٧٤٩.
٢ رواه مسلم في الصيد والذبائح باب الصيد بالكلاب المعلمة حديث رقم ١٩٢٩.
٣ سورة الأنعام: الآية ١٢١.
٤ رواه النسائي باب الحث على ترك الشبهات حديث رقم ٥٧١١ وقال النسائي: هذا الحديث جيد جيد. وقوله: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" قال في النهاية يروى بفتح الياء وضمها أي ما يشك فيه إلى ما لا يشك فيه والمراد أن ما اشتبه حاله على الإنسان فتردد بين كونه حلالاً أو حراماً فاللائق بحاله تركه والذهاب إلى ما يعلم حاله ويعرف أنه حلال والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>