للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولا يقاس بخلقه – سبحانه –

فلا يجوز قياس الله – تعالى – بخلقه في أمر من الأمور، "ومما يوضح هذا أن العلم الإلهي لا يجوز أن يستدل فيه بقياس تمثيل يستوي فيه الأصل والفرع، ولا بقياس شمول تستوي فيه أفراده، فإن الله-تعالى – ليس كمثله شيء، فلا يجوز أن يمثل بغيره، ولا يجوز أن يدخل هو وغيره تحت قضية كلية تستوي أفرادها"١، "ولكن يستعمل في ذلك قياس الأولى سواء كان تمثيلاً أو شمولاً، كما قال – تعالى –: {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} [النحل: ٦٠] ٢.

ولا شك أن "أعظم المطالب العلم بالله – تعالى-، وصفاته، وأفعاله، وأمره، ونهيه، وهذا كله لا تنال خصائصه لا بقياس الشمول، ولا بقياس التمثيل، فإن الله – تعالى – لا مثل له فيقاس به، ولا يدخل هو وغيره تحت قضية كلية تستوي أفرادها، فلهذا كانت طريقة القرآن، وهي طريقة السلف، والأئمة أنهم لا يستعملون في الإلهيات قياس تمثيل، وقياس شمول تستوي أفراده، بل يستعملون من هذا، وهذا قياس الأولى، فإن الله له المثل الأعلى"٣.

وإنما ترك السلف قياس التمثيل، وقياس الشمول في المطالب الإلهية؛ لأنها لا توصل إلا إلى الحيرة، والاضطراب، والشك، والارتياب، و "لهذا لما سلك طوائف من المتفلسفة، والمتكلمة مثل هذه الأقيسة في المطالب الإلهية لم يصلوا بها إلى اليقين، بل تناقضت أدلتهم، وغلب عليهم بعد التناهي الحيرة، والاضطراب لما يرونه من فساد أدلتهم، وتكافئها"٤.


١ درء تعارض العقل والنقل (١/٢٨) .
٢ المصدر السابق (١/٢٩) .
٣ المصدر السابق (٧/٣٢٢) .
٤ المصدر السابق (١/٢٩) .

<<  <   >  >>