للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في هذه الآية الكريمة إثبات هذه الأسماء الأربعة لله – تعالى-، وأما تفسيرها "فقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم، وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: "اللهم أنت الأول، فليس قبلك شيء، وأنت الآخر، فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر، فليس فوقك شيء، وأنت الباطن، فليس دونك شيء" ١"٢.

وقال ابن زمنين في تفسير هذه الأسماء الأربعة: "هو الأول لا شيء قبله، والآخر الباقي إلى غير نهاية، ولاشيء بعده، والظاهر العالي فوق كل شيء، والباطن بطن علمه بخلقه"٣.

واسمه – جل وعلا – الظاهر "ضمن معنى العالي كما قال: {فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ} [الكهف: ٩٧] ... ، فكلما علا الشيء ظهر، ولهذا قال: "أنت الظاهر، فليس فوقك شيء" فأثبت الظهور، وجعل موجب الظهور أنه ليس فوقه شيء"٤. "فهذا أخبر بأنه ليس فوقه شيء في ظهوره، وعلوه على الأشياء"٥.

واسمه – جل وعلا – الباطن "أوجب أن لا يكون شيء دونه، فلا شيء دونه باعتبار بطونه"، و "في هذا اللفظ معنى القرب، والبعد من وجه، ومعنى الاحتجاب، والاختفاء من وجه، فقوله: "وأنت الباطن، فليس دونك شيء " نفى أن يكون شيء دونه، كما نفى أن يكون فوقه، ولو قدر فوقه شيء لكان أكمل منه في العلو والبيان، إذ هذا شأن الظاهر، ولو كان دونه شيء لكان أكمل منه في الدنو، والاحتجاب، وهذا شأن الباطن، وهذا يوافق قوله: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو


١ رقم (٢٧١٣) .
٢ مجموع الفتاوى (٥ /٥٨١) .
٣ المصدر السابق (٥/٥٨) .
٤ بيان تلبيس الجهمية (١/٥٥١) .
٥ المصدر السابق (٢/٢٢٠) .

<<  <   >  >>