للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد ضل في هذه الصفة طوائف، فأنكرها الجهمية، والأشعرية١. ونفي الحكمة أمر خطير، فإنه "يتضمن نفي الإرادة، ونفي القدرة"٢. ولازم هذا "نفي فعل الرب، ونفي الأحداث، ومن نفى ذلك يلزمه امتناع حدوث حادث في الوجود"٣. فإثبات"الحكمة لازم لكل طائفة على أي قول قالوه"٤؛ لأنهم لابد أن يثبتوا إلهاً قادراً، أو يثبتوا حوادث في الوجود، وهذه القدرة، والإحداث إما أن يكونا لحكمة أو لا، وعدم الحكمة عبث ونقص ينزه عنه الرب، وإثبات الحكمة كمال واجب له – سبحانه – كما قال – تعالى –: {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ} [النحل: ٦٠] .

وقوله: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: ١٢] .

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: ٥٨] .

في هاتين الآيتين الكريمتين إثبات قدرة الله – تعالى – وقوته. فهو – جل وعلا – القوي القدير. وقد"اتفق المسلمون، وسائر أهل الملل على أن الله على كل شيء قدير، كما نطق بذلك القرآن في مواضع كثيرة جداً"٥.

وهاتان الصفتان معناهما متقارب، فإن "لفظ القوة قد يراد به ما كان في القدرة أكمل من غيره، فهو قدرة أرجح من غيرها، أو القدرة التامة"٦.


١ انظر: درء تعارض العقل والنقل (٨/٥٤) ، ومجموع الفتاوى (٨/٨٣) ، (١٤/١٨٣) ، والنبوات (ص: ٣٥٢) .
٢ النبوات (ص ٣٧٤) .
٣ المصدر السابق.
٤ المصدر السابق.
٥ مجموع الفتاوى (٨/٧) .
٦ انظر: المصدر السابق (٦/٣٣٩) .

<<  <   >  >>