للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"والقدرة: هي قدرته على الفعل. والفعل نوعان: لازم، ومتعد.

والنوعان في قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد: ٤] ، فالاستواء والإتيان والمجيء، والنزول، ونحو ذلك أفعال لازمة، لا تتعدى إلى مفعول، بل هي قائمة بالفاعل، والخلق، والرزق، والإماتة، والإحياء، والإعطاء، والمنع، والهدى، والنصر، والتنزيل، ونحو ذلك تتعدى إلى مفعول"١.

"فيدخل في ذلك – أي في آيات إثبات قدرته – سبحانه – أفعال العباد٢، وغير أفعال العباد". ومما "يدخل في ذلك أفعال نفسه. وقد نطقت النصوص بهذا، وهذا كقوله – تعالى – {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم} [يس: ٨١] ، {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: ٤٠] ، {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: ٤] ، ونظائره كثيرة"٣.

وقد اختلف الناس في متعلق القدرة، والذي عليه أهل السنة "أن الله – تعالى – على كل شيء قدير، وكل ممكن فهو مندرج في هذا"٤، "فكل ما يصلح أن يشاء فهو عليه قدير، وإن شئت قلت: قدير على ما يصلح أن يقدر عليه"٥.

وأما الممتنع "المحال لذاته مثل كون الشيء الواحد موجوداً معدوماً فهذا لا حقيقة له، ولا يتصور وجوده، ولا يسمى شيئاً باتفاق العقلاء، ومن هذا الباب: خلق مثل نفسه، وأمثال ذلك"٦، ولذلك فإن الممتنع لنفسه غير داخل في عموم قوله – تعالى –: {إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ٢٠] ٧.


١ مجموع الفتاوى (٨/١٨ – ١٩) .
٢ المصدر السابق (٨/١٠ – ١١) .
٣ المصدر السابق (٨/١١) ، وانظر: (١٦/٤٦٠) ، منهاج السنة النبوية (٢/٢٨٨) .
٤ منهاج السنة النبوية (٢/٢٩٣) .
٥ مجموع الفتاوى (١٢/٣٣١) .
٦ منهاج السنة النبوية (٢/٢٩٣) ، وانظر: الصفدية (٢/١٠٩) .
٧ انظر: مجموع الفتاوى (٨/٣٨٣) .

<<  <   >  >>