للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"والرسل – صلوات الله عليهم أجمعين – إنما جاؤوا بإثبات هذا الأصل، وهو أن الله يحب بعض الأمور المخلوقة، ويرضاها، ويسخط بعض الأمور، ويمقتها، وأن أعمال العباد ترضيه تارة، وتسخطه أخرى"١ كما في الآيات المتقدمة، وغيرها.

أما معنى الأسف المذكور في الآية الأخيرة فقال "ابن عباس: أغضبونا، قال ابن قتيبة: الأسف الغضب، يقال: أسفت أسفاً أي: غضبت"٢.

وهذه الآيات دالة على أن الفعل حادث بعد أن لم يكن، "فإن الجزاء لا يكون قبل العمل، والقرآن صريح بأن أعمالهم {كانت سبباً لذلك كقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: ٥٥] ، وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ٢٨] ، وقوله: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [آل عمران: ٣١] ، وأمثال ذلك"٣.

وقد أنكر هذه الصفات من ينكر قيام الأفعال بالله – تعالى-، فقالوا: "هذه كلها أمور مخلوقة بائنة عنه ترجع إلى الثواب، والعقاب"٤، ومنهم من قال: ما ثم "إلا إرادة قديمة، أو ما يشبهها"٥، فأوَلَ جميع الصفات الفعلية بذلك.

وقوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ} [البقرة: ٢١٠] ،


١ منهاج السنة النبوية (٥/٣٢٢) .
٢ المصدر السابق (٥/٣٢٣) ، وانظر: مجموع الفتاوى (١٢/١٣٣) .
٣ المصدر السابق (٥/٤٢١ – ٤٢٢) ، وانظر: مجموع الفتاوى (٦/٢٢٥ – ٢٢٦) .
٤ مجموع الفتاوى (١٢/١٣٣) .
٥ المصدر السابق (٦/٢٦١) .

<<  <   >  >>