للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ} [البقرة: ٢٥٣] ،

وقوله: {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: ١٤٣] ،

في هذه الآيات إثبات صفة الكلام لله – تعالى-، وهي صفة جليلة ثابتة، "بالإجماع، والنقل المتواتر عن الأنبياء صلى الله عليهم وسلم"١، وقد مضى على هذا سلف الأمة، وأئمتها. "فالسلف، والأئمة نصوا على أن الرب – تعالى – لم يزل متكلماً إذا شاء وكما شاء، كما نص على ذلك عبد الله بن المبارك، وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أئمة الدين، وسلف المسلمين"٢.

وإنكار هذه الصفة، وتحريفها أمر خطير، فهو "في الحقيقة تكذيب للرسل الذين إنما أخبروا الأمم بكلام الله الذي أنزل إليهم"٣. "فالإيمان بكلام الله داخل في الإيمان برسالة الله إلى عباده، والكفر بذلك هو الكفر بهذا، فتدبر هذا الأصل، فإنه فرقان هذا الاشتباه، ولهذا كان من يكفر بالرسل، تارة يكفر بأن الله له كلام أنزله على البشر كما أنه قد يكفر برب العالمين مثل فرعون، وقومه، قال الله – تعالى –: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ} [يونس: ٢] الآية، وقال – تعالى – عن نوح، وهود: {أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ} [الأعراف: ٦٣] ، وقال: {وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ} [الأنعام: ٩١] إلى آخر الكلام"٤.

وهذه الصفة كسائر الصفات في الكتاب، والسنة لا يلزم من إثباتها أي لازم باطل، بل "كلام الله – تعالى – لا يماثل كلام المخلوقين كما لا يماثل في شيء من صفاته صفات المخلوقين"٥.


١ التسعينية (٢/٦٨٣) .
٢ مجموع الفتاوى (٩/٢٨٥) ، انظر: (٦/٢٣٢) ، جامع الرسائل والمسائل (٢/٥) .
٣ درء تعارض العقل والنقل (٢/٣٠٤) .
٤ مجموع الفتاوى (١٢/٩ – ١٠) .
٥ المصدر السابق (١٢/٩٦) .

<<  <   >  >>