للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومثال الأرجح عدالة أو حفظاً معلوم.

نقول: الأول هو الراجح، والثاني هو الشاذ وهو حديث المرجوح.

ونُسمِّي الحديث الذي يقابل الشاذ بالمحفوظ.

ومثاله: حديث وضوء النبي صلى الله عليه وسلّم أنه توضأ، فأخذ لرأسه ماءً غير فضل يديه١، أي لما أراد أن يمسح رأسه، أخذ ماءً فمسحه بماء غير فضل يديه، هكذا جاء في صحيح مسلم، وفي رواية ابن ماجة "أنه مسح أذنيه بماء غير فضل رأسه"٢ فاختلفت الروايتان، فرواية مسلم أنه أخذ ماء جديداً لمسح الرأس غير ماء اليدين.

والثانية: أنه أخذ ماء جديداً لمسح الأذنين، غير ما مسح الرأس، قال ابن حجر في بلوغ المرام عن الأول إنه المحفوظ٣، يعني أن رواية مسلم هي المحفوظة، ورواية ابن ماجه تكون شاذة.

ولا يحكم بالمخالفة بمجرد ما ينقدح في ذهنه أنه مخالف، بل يجب أن يتأمل ويفكر وينظر ويحاول الجمع، لأنك إذا حكمت بالمخالفة، ثم قلت عن الثاني إنه شاذ فمعناه أنه غير مقبول، لأن من شرط الصحيح المقبول ألا يكون معللاً ولا شاذًّا، فإذا كان شاذًّا فإننا سنرده، فلا يجوز أن نرد الحديث المخالف بمجرد ما ينقدح في الذهن، فلابد من التأمل فإنه ربما يبدو مخالفاً، ولكن عند التأمل لا يكون مخالفاً فمثلاً: حديث "اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته" ٤، "إنك لا تخلف


١ رواه مسلم كتاب الطهارة باب صفة الوضوء برقم ١٩ – ٢٣٦.
٢ لم أجده في أبواب الطهارة من سنن ابن ماجة وهو عند البيهقي ١/٣٠٣ حديث رقم: ٧١٩.
٣ بلوغ المرام حديث رقم ٤٨ والمذكور فيه أخرجه البهقي.
٤ رواه البخاري كتاب الأذان باب الدعاء عند النداء ٦١٤.

<<  <   >  >>