أحدهما أوثق من الآخر، فيأتي الذي ليس بأوثق من صاحبه ويقلب الإسناد، بأن يجعل التلميذ شيخاً والشيخ تلميذاً، فإننا نحكم في هذا الحديث بأنه مقلوب عليه لأنه قلب السند.
ومثال آخر: هذا الحديث حدَّث به هذا الرجل في حال شبابه وحفظه على وجه، وحدَّث به بعد شيخوخته ونسيانه على وجهٍ آخر، فإننا نحكم على الثاني أنه مقلوب، وربما نطَّلع أيضاً على هذا من طريق آخر بحيث أننا نعرف أن الذي جعله تلميذاً هو الشيخ، لأنه تقدم في عصره بمعرفة التاريخ.
والمقلوب من قسم الضعيف، لأنه يدل على عدم ضبط الراوي.
القسم الثاني: وهو ما ذكره المؤلف بقوله "وقلب إسناد لمتن قسم" ويعني أن يُقلب إسناد المتن لمتن آخر.
مثاله: رجل روى حديثاً: من طريق زيد، عن عمرو، عن خالد، وحديثاً آخر: من طريق بكر، عن سعد، عن حاتم، فجعل الإسناد الثاني للحديث الأول، وجعل الإسناد الأول للحديث الثاني، فهذا يُسمَّى قلب إسناد المتن، والغالب أنه يقعُ عمداً للاختبار، أي لأجل أن يُختبر المحدِّث.
كما صنع أهل بغداد مع البخاري، وذلك لما علموا أنه قادم عليهم، اجتمعوا من العراق وما حوله وقالوا: نريد أن نختبر هذا الرجل، فوضعوا له مائة حديث ووضعوا لكل حديث إسناداً غير إسناده، وقلبوا الأسانيد ليختبروا البخاري - رحمه الله - وقالوا: كل واحد منكم عنده عشرة أحاديث يسأله عنها، ووضعوا عشرة رجال حفاظ أقوياء، فلما جاء البخاري - رحمه الله - واجتمع الناس، بدأوا يسوقون الأسانيد كلها حتى انتهوا منها، وكانوا كلما ساقوا إسناداً