فنفيُ السِّنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيام، فهو مبيِّن لكمال أنه الحي القيوم.
وكذلك قوله:{وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} أي لا يكرثه، ولا يثقله، وذلك مستلزم لكمال قدرته وتمامها، بخلاف المخلوق القادر إذا كان يقد على الشيء بنوع كلفة ومشقة، فإن هذا نقص في قدرته، وعيبٌ في قوته.
وكذلك قوله تعالى:{لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْض}[سبأ: ٣] ، فإن نفي العزوب مستلزم لعلمه بكل ذرة في السماوات والأرض.
وكذلك قوله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[قّ: ٣٨] ، فإنّ نفيَ مسَّ اللغوب الذي هو التعب والإعياء دل على كمال القدرة، ونهاية القوة، بخلاف المخلوق الذي يلحقه من النصب والكلال ما يلحقه.
وكذلك قوله:{لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}[الأنعام: ١.٣] ، إنما نفى الإدراك الذي هو الإحاطة، كما قاله أكثر العلماء، ولم ينفِ مجرد الرؤية؛ لأن المعدوم لا يُرَى وليس في كونه لا يُرى مدح، إذ لو كان كذلك لكان المعدوم ممدوحاً، وإنما المدح في كونه لا يُحاط به وإن رُئي، كما أنه لا يُحاط به وإن عُلم، فكما أنه إذا عُلِم لا يُحاط به علماً، فكذلك إذا رُئي لا يُحاط به رؤية.
فكان في نفي الإدراك من إثبات عظمته ما يكون مدحاً وصفة كمال، وكان ذلك دليلاً على إثبات الرؤية لا على نفيها، لكنه دليل على إثبات الرؤية مع عدم الإحاطة، وهذا هو الحق الذي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها.
وإذا تأمّلت ذلك وجدتَ كل نفي لا يستلزم ثبوتاً هو مما لم يصف الله به نفسه، فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب لم يثبتوا في الحقيقة إلهاً محموداً، بل ولا موجوداً.
وكذلك من شاركهم في بعض ذلك كالذين قالوا: إنه لا يتكلم، أو لا يُرى، أو ليس فوق العالم، أو لم يستوِ على العرش، ويقولون: ليس