"وأما الأصل الثاني، وهو التوحيد في العبادات المتضمن للإيمان بالشرع والقدر جميعاً؛ فنقول: إنه لابد من الإيمان بخلق الله وأمره، فيجب الإيمان بأن الله خالق كل شيء وربه ومليكه وأنه على كل شيء قدير، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وقد علم ما سيكون قبل أن يكون وقدر المقادير وكتبها حيث شاء، كما قال تعالى:{ألَمْ تَعْلَمْ أنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[الحج: ٧٠] .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء"١.
ويجب الإيمان بأن الله تعالى أمر بعبادته وحده لا شريك له، كما خلق الجن والإنس لعبادته، وبذلك أرسل رسله وأنزل كتبه.
وعبادته تتضمن كمال الذل له والحب له، وذلك يتضمن كمال طاعته ومن يُطع الرسول فقد أطاع الله؛ وقد قال تعالى: {وَمَا أرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا
١ أخرجه مسلم في صحيحه (٤/٢٠٤٤ برقم ٢٦٥٣) في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.