هو أن الشبهة التي استدلوا بها وهي أن ظاهر الحديث أن الأصابع في جوف القلب، والقلب متصل بها مماس لها وهو محال محتاج إلى تأويل. نقول: ليس هذا هو الظاهر، وإذا قال قائل:"هذا بين يدي" لم يدل على المباشرة والمماسة، ومنه قوله تعالى:{وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[البقرة: ١٦٤] فإنه لا يقتضي مماسة السحاب للسماء ولا للأرض فهو بين السماء والأرض، فإذا ثبتت هذه البينية بين المخلوق والمخلوق فالبينية بين المخلوق والخالق الذي وسع كرسيه السموات والأرض أولى بذلك.
س٤ ـ ما أوجه الفرق بين قوله:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[صّ: ٧٥] وقوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}[يّس: ٧١] ؟
ج ـ الفرق بينهما من وجهين:
• الوجه الأول ـ في قوله:{عَمِلَتْ أَيْدِينَا} أضاف الفعل إلى الأيدي فهي مثل قوله: {َفبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}[الشورى: ٣.] . وفي قوله:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} أضاف الفعل إلى نفسه..
• الوجه الثاني ـ في قوله:{خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} عدى الفعل بالباء إلى اليدين فكان سبحانه هو الخالق وكان خلقه بيده، كقولنا كتبت بالقلم، فالكاتب هو الفاعل والقلم هو الذي حصلت به الكتابة، ولم يقل:"لما خَلَقَتْ يداي"، فلو قال ذلك لكان كقوله:{عَمِلَتْ أَيْدِينَا} .
* فهذه الفروق اللفظية أدّت إلى الاختلاف في المعنى فكانت الأولى لإثبات خلق آدم عليه السلام باليدين، والثانية لإثبات مطلق الخلق.
س٥ ـ يقول المتكلمون النافون للصفات: إن قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ}[صّ: ٧٥] هو مثل قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً}[يّس: ٧١] . فما الغرض في التسوية عندهم؟ وما الجواب عليهم؟
ج ـ الغرض من التسوية عندهم هو أنهم يريدون بذلك نفي اليدين لأنهم