للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا الظن الفاسد: أن الموجودات كلها تشترك في مسمى الوجود بالمعنى العام.

فالله أيضاً موجود والكون أيضاً موجود واسم الموجود يشمل الخالق والمخلوق، فظنوا أن وجود الخالق بعينه هو وجود المخلوق، ولم يفرقوا بين وجود الواحد بالعين وبين وجود المخلوق، ولم يفرقوا بين وجود الواحد بالعين وبين وجود الواحد بالنوع.

أي هؤلاء لم يعرفوا الفرق بين حكم النوع وبين حكم أفراده، مع أن حكم النوع يختلف عن حكم أفراده فحكم النوع عموم من حيث العموم، وحكم الفرد خصوص من حيث الخصوص، إذ من المعلوم أن حكم الإنسان العام الكلي غير حكم زيد وعمرو وبكر وخالد.

إذ لا شك أن الموجودات تشترك في الوجود عاماً، ولكن إذا نظرت إلى أفراد تلك الموجودات يختلف وجود كل فرد.

وبهذا الاعتبار يختلف وجود الله تعالى عن وجود المخلوقات.

فالمراد بالواحد بالعين ـ هو الفرد من أفراد الكلي نحو زيد، والمراد بالواحد بالنوع هو الأمر الكلي العام نحو الإنسان، والحيوان والموجودات.

ثم بين شيخ الإسلام ضلال أشخاص آخرين١وهم الذين ظنوا: أن لفظ "الوجود" من قبيل المشترك اللفظي يشترك فيه وجود الخالق ووجود المخلوق على حد سواء.

فزعموا أن الموجودات كلها تشترك في مسمى الوجود بالاشتراك اللفظي، وزعموا أن هذا يستلزم التشبيه والتركيب فخالف هؤلاء إجماع العقلاء في قولهم: إن الوجود ينقسم إلى قديم ومحدث مع أن القديم والمحدث ليسا سواء في الوجود البتة وطائفة ظنت أنه إذا كانت الموجودات تشترك في مسمى الوجود لزم أن يكون في الخارج موجود مشترك فيه،


١ وهم بعض المتكلمين، ومنهم الآمدي انظر: "الإحكام في أصول الأحكام" له ١/٢٠ ـ ٢١ وقد رد عليه شيخ الإسلام في رسالة (الحقيقة والمجاز) (ص/٤٩ ـ ٥٦) وضمن مجموع الفتاوى (٢٠/٤٤١ ـ ٤٤٩) .

<<  <   >  >>