للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وطائفةٌ تزعم أن حدوث العالم من هذه الأصول، وأن العلم بالصانع لا يمكن إلا بإثبات حدوثه، وإثبات حدوثه لا يمكن إلا بحدوث الأجسام، وحدوثها يُعلم إما بحدوث الصفات، وإما بحدوث الأفعال القائمة بها، فيجعلون نفي أفعال الرب، ونفي صفاته من الأصول التي لا يمكن إثبات النبوة إلا بها.

ثم هؤلاء لا يقبلون الاستدلال بالكتاب والسنة على نقيض قولهم، والسمع إما أن يؤوّل، وإما أن يفوّض.

وهم أيضاً عند التحقيق لا يقبلون الاستدلال بالكتاب والسنة على وفق قولهم، لما تقدم.

وهؤلاء يضلون من وجوه:

منها: ظنهم أن السمع بطريق الخبر تارة١، وليس الأمر كذلك بل القرآن بيَّن من الدلائل العقلية التي تعلم بها المطالب الدينية ما لا يوجد مثله في كلام أئمة النظر، فتكون هذه المطالب شرعية عقلية.

ومنها: ظنهم أن الرسول لا يعلم صدقه إلا بالطريق المعينة التي سلكوها، وهم مخطئون قطعاً في انحصار طريق تصديقه فيما ذكروه، فإن طرق العلم بصدق الرسول كثيرة، كما قد بسط في غير هذا الموضع.

ومنها: ظنهم أن تلك الطريق التي سلكوها صحيحة، وقد تكون باطلة.

ومنها: ظنهم أن ما عارضوا به السمع معلوم بالعقل، ويكونون غالطين في ذلك فإنه إذا وزن بالميزان الصحيح وجد ما يعارض الكتاب والسنة من


١ كذا في المطبوع، وقد استظهر المحقق أن يكون الصواب: "المجرد"، وهو أقرب إلى الصواب، لأن كلمة "تارة"، توحي أن أحد قولي ـ أو أقوال ـ المتكلمين، والأمر ليس كذلك، فليس لهم إلا هذا القول، وقد ناقشهم شيخ الإسلام في غير هذا الموضوع، من ذلك: "درء التعارض" ١/١٩٨ـ١٩٩، مجموع الفتاوى ١٩/٢٢٨ـ٢٣٤، ١٣/١٣٦ـ١٤١.

<<  <   >  >>